كتاب : هوس العبقرية : الحياة السرية لماري كوري
لـ باربارا جولدسميث
“كتاب هوس العبقرية هو كتاب الشهر في صالون الجمعة وهذا أول كتاب أقرأه مع القروب”.
لم أكن أتوقع أن أنسجم مع الكتاب, معرفة تفاصيل حياة شخصية عبقرية معروفة, أمر ملهم حقاً, كل الصعوبات والمراحل التي قطعتها لتكون “العالمة” ماري كوري, قبل زواجها, تعليمها, أعمالها المتنوعة في سبيل توفير المادة التي تساعدها للتعلم, الشغف الذي عاشت تغذيه كله ملهم ولا أستطيع إلا احترامه.
برغم أنني بعيدة عن المجال العلمي, لكن الإلهام هام لتغذية الأحلام مهما كانت, قراءتي لهذا الكتاب جاءت في وقتها المناسب, كنت قد فقدت الأمل في أحلامي أو حتى إمكانية الوصول, لكن بعد الانتهاء من الكتاب واجهت نفسي بكل العوائق وعرفت بأنها لم تكن شيئا بجانب ما عانته أو مرت به ماري كوري, لكنها انتصرت وحولت كل فشل وعثرة لوقود يدفعها للأمام.
ماري كوري لم تواجه فقط سوء الحالة المادية, كانت تواجه مجتمع وفكر ذكوري وندرة الفرص, وتواجه البرد أيضا تفاصيل حياتها قبل الزواج وغرفتها الباردة أثرت بي كثيرا, أعتقد بأنها تستمد الدفء من العلم ومن حلم الوصول, لحظة , هل كان هناك وصول في رأيي ماري؟؟ , كانت محاربة دائمة تسعى خلف العلم وتطلبه حتى آخر أيامها ليس هناك وصول بل نجاح فقط, يحضّرها لنجاح آخر.
أحببت علاقة ماري بزوجها, تشارك الشغف والحلم عنصر مهم في الحياة الزوجية حتى لو كانت المجالات مختلفة في قصة ماري وجدت زوجا يشبهها في حب العلم, لكن وجود حلم لدى أي شخص يجعل منه أكثر تقبلا واحترام لطموح الآخرين.
تحويل ماري كوري لكل تجربة حياتية لمعادلة علمية أو تجربة أمر لفت نظري مثل تجربة الطبخ والولادة وتربية الأطفال.
سيرة ماري كوري وهذا الكتاب تحديدا الذي يصف حياتها يصلح بأن يكون هدية نفيسة لكل من نحب, والدروس التي نتعلمها من قراءة حياتها أكبر بكثير من دراسة معاني التضحية والسعي والاجتهاد مجردة دون قصة, وأعتقد أن هذا الجيل بحاجة لقدوة أو مثال يعلمهم الكثير الذي عجزوا أن يتفهموه خصوصا حب العلم والنظر للعلوم بأنها جزء مهم من الحياة, لأن التعليم الآن لا يخرج إلا جيل يبحث عن درجات النجاح وينظر للمواد العلمية بأنها عبئ أكثر من كونها أمورا تتصل بالحياة حتى لو بدت المركبات أمرا خاصا بالدراسة فقط ولكنها بالتأكيد متصلة بحياتنا, وهذه مسؤولية المناهج التي لم تغرس مع ما تفعله من تلقين حب العلم وأهميته لحياتنا, بل تقدم العلم على أنه مواد مملة جدية لا تصلح للحياة العلمية وتعطي انطباع بأن السابقون اكتشفوا كل شيء ولم يعد هناك مجال للمزيد من العلماء.
عائلة كوري تتشرب العبقرية الأم وابنتها يحصلن على جائزة نوبل, ولفت نظري كيف تتخرج ابنة ماري كوري ايرين من الجامعة مع مرتبة الشرف في تخصص “رياضيات وكيمياء وفيزياء”.
دائما أقول بأنني أقدر أبداع المرأة أكثر من الرجل ليس تعصب جنسي, لأنني أعرف أن المرأة دائما تحفر الصخر في كل خطوة تخطوها, إذا كان الطريق للرجل ميسر أو لأكون منصفة, ليس ميسرا بقدر ما أن الفرص مفتوحة أمامه دائما ليبدأ ليس محروما من البدايات أما المرأة خصوصا في مجتمعنا, البداية بحد ذاتها هي سلسلة من التعقيدات وإذا انتهت منها الطريق فيه عقبات كثيرة, لذلك إبداعها ووصولها يؤثر بي أكثر من نجاح الرجل.
شكرا ” صالون الجمعة” لتعريفي على هذا الكتاب خمسة نجوم ونص.
No Comments