,
اعتدنا أن نتحدث وبيننا المساحات الكبيرة والمسافات الممتدة من هناك إلى الهنا التي أقف عليها، وهذا البعد يقتضي الصراخ من أجل إيصال الرسائل الشفهية ولأنني أمقت الصوت الشاهق المرتد بقوة أصبحت أواجه معضلة كبيرة صوتي بات يتسكع خارجاً مني في كل الاتجاهات بطريقة مُستفزة يرتد لأذني برنة صدى بسيطة قررتُ التقليل من حدته لأنني لا أريد أن أزعجني أكثر و أحسب أنه أيضا قرر أن لا يزعج نفسه حتى بات حديثنا نظرة و أشارة و جمل مبتورة لا نتكلف عناء إلصاق أولها بآخرها، لم أعي الحجم المأساوي لعلاقتنا إلا حينما لاحظت على كُم ثوبه الأبيض بقعة سوداء كبيرة مر من أمامي وأنا أحاول إخراج قطرات من صوتي أحاول وضع أصبعي على البقعة أحاول الإشارة بعينيّ أحاول أن اقترب لكن المسافات الطويلة حالت دون وصول صوتي أو أصبعي في الوقت المناسب و عيني سُرقت من الحاضر لتمتلئ بمشهد قديم عديم الفائدة نسيت بأن استخدمها للإشارة إلى الكم المعطوب ,هل استحق الشعور بالذنب حيال خروجه بكم مرقع بالسواد ؟
أم أشعر بالخيبة أمام علاقتنا التي اقتربت من حالة البتر ؟
ها أنا ذي أكنس صوتي المرمي من زوايا المسافات الملقاة بيننا وأتفقد كلماتنا المبعثرة حولنا و التي أدركت أن نصف نصفها همهمات والنصف الآخر اعتذار والنصف المتبقي هو الذي عاد مطأطئ الحرف يجر الخيبة لداخلي و الــ “أحِبكْ” التي حسبتها وصلت منذ زمن تشكل كل- إلا كلمتين- النصف الخائب المكتوم العائد لجوفي .
No Comments