حين يشق الفجر قميصه – مي منسّى
عن دار رياض الريّس – 334 صفحة
,
الحياة ماهي الحياة ؟ سوى حفنة ماء يدعها الصغار تسيل لاشعوريا بين أصابعهم في تاريخ الزمن الحياة هي لا شيء سوى سكره وحده الموت الحقيقة
,
حين يشق الفجر قميصه تروي مي منسّى فى 340 صفحة من القطع المتوسط حكاية القدر الذي حصر حياة مايا بين حربين و وجعين على المسرح البعيد ” روسيا ” تسافر مايا بأحلام كبيرة لتعلم الموسيقى في بلد الموسيقيين لتجد نفسها تدفع بذلك ثمن حرية الهاربين من الثورة البولشيفية وحقد المحاصرين ” الغير ” قادرين على الحياة في بلد الحرية المحدودة و الإتهامات الباطلة تجد البطلة نفسها في بلد بوشكين متحولة إلى غجرية من غير أمتعة سوى كمانها ملقى على كتفها كطفل يبكي فتجعل القوس يهدهده بحنان يجيء ويذهب فإذا بالألحان تخرج منه تنادي ” لبنان ” الوطن التائه بين حروبه تنادي الذكرى القديمة والتوأم الذي كان جزء مبتوراً من تاريخ ايامها أنسّلَ من بين أساطير التاريخ و آلهة اليونان تخرج من بين شفتان عرآبة ” لا هو موتٌ ولا هو حياة ” .. فتطير قبعة القش المزينة بشريطة عبر النهر , حينما هدأت ثورة لبنان عادت تتفقد وطنها الذي تهدم سقفه بفعل قذيفه لم يكن الأثر الوحيد أن قتل الكثير بل أستحال وطنها القديم الى وطن شوهة نفسيته الحرب و الأحزاب , في روايات مي منسّى تظهر الصحفية التي كانتها شغف الكتابة و الطفلة الصغيرة التي تحكي عنها هي تقطف الياسمين من أما باب الدار , الضيعة و القرية الصغيرة تلعب دوراً في قصصها حينما يبحث أحدهم عن حب مدفون داخل فناء منزل أو حياة تطير ممزوجة برائحة القهوة , مي منسىّ الناقدة الأدبية و الموسيقية تظهر في شغف الشخصيات لأنغام الموسيقى ذائقتها الرائعة في أنتقاء المعزوفات التي تفتن الشخصيات في سطورها من بين سوناتا بيتهفون إلى باغانيني تجعل الأحرف التي نقرأها كأنها نوتة موسيقية يخيّل لنا ان هناك نغمٌ يأطر الحكاية والموسقى تاخد شكل َ الحرف الذي يحتويها تارةً ببكاء و تارة يطير ويرقص فرحاً , تجعل من الكمان و القلم بلسم يعالج آثار الجروح المتحولة الى نتوء و خطوط غائرة على جسدها , ونفسها المتعبة من الحياة , ثقافة ولغة مي منسّى تنساب برشاقة وجمال كأنها يلف الحكايا بشريط أحمر معقود كما في الهدايا .
في مواجهة أسرار الكون تغدو الكتابة كما الموسيقى كما النحت في الحجر مغامرة لكل كائن يسعى إلى علاقة مطلقة .
,
روايات قرأتها لمي منسّى :
أنتعل الغبار وأمشي
ساعة رملية
1 Comment
مساء الخير. أجدني أنجذب للروايات التي تعرض من قريب أو بعيد للحرب . هي صادقة , متأملة , يتساوى عندها معنى الموت والحياة . فقد يكون قيمة الموت في استمرار الحياة أو العكس قيمة الحياة في تتابع الموت . من الروايات التي آلمتني كثيرا رواية (لله الأمر) لأحمدو كروما. نلمس فيها حجم معانات الإنسان وكيف يتحول لحيوان مفترس سعيا وراء السلطة أو لقمة تسد جوعة .
شكرا للخطى التي ساقتني لهذا المنجم الثمين .