فقط في الوقت الذي ظننت بأن زمن الدهشة الجميلة انتهى، جاء فيلم الكلمات، يعيد سرقت عيني وتفكيري خلال ساعتين تقريبا, في السنوات الماضية شاهدت العديد من الأفلام وأعجبني الكثير منها لكنها لم تدهشني لم تفتح جزءا داخلي ليتجاوب حتى مع إيماءات الممثلين والموسيقى التصويرية، -كما أتذكر مع بلاك سوان مثلا – ، الآن مع فيلم “الكلمات”، القصة داخل القصة التي تتحدث عن قصة، -دوامة صحيح؟-.
نسيت أن أقول.. أذا وصلت إلى هذه السطور ولم تشاهد الفيلم ربما يستحسن تأجيل قراءة هذه التدوينة لوقت لاحق..
باختصار كاتب مبتدئ يحلم بنشر روايته الخاصة التي يعمل عليها ويتفرغ لها بشكل تام طوال ثلاث أعوام من عمره, تسانده حبيبته بصبر ليس له حدود, ليصل الكتاب إلى ناشر يقول له بصراحة بأن كتابه رائع لكن الزمن الحالي يحتاج الأكثر روعة لذلك لايصلح للنشر.
استوقفتني هذه اللحظة , ماذا يحتاج الكاتب؟ إذا اللغة والذكاء لا تكفي لينشر كتابه؟؟
الأمر أبعد من ذلك لطالما عرفت أن الكتابة تحتاج تجارب جبارة لتخرج لنا الخلاصة، لا أعتقد أن كل رواية قرأتها قد خاض تفاصيلها الكاتب, لكنني أؤمن بأن جزءا منها فكرة فصل بداية مست الكاتب في مرحلة من حياته، ربما الفكرة التي بنى عليها روايته, هي فكرة خرج بها من حياته، ليتخيل حياة أخرى تعيش تجربته، ربما الأحداث أيضا فيها جزء من الواقع لكن الكتاب الناجح هو الذي يدخل هذه التجارب إلينا يبكينا يفرحنا يسرب لنا ألمه، الصدق في الكتابة عملة نادرة القارئ كائن يملك حاسة عاشرة، يستشعر بها الصدق ينفر أو ينجذب لكتاب بناءا على ذلك.
اتخاذ الخيارات سهل إنما التعايش مع نتائجه هو الأصعب، هذا ما يوصله الفيلم باختصار، من تريد أن تكون؟ كيف تكونه؟ ماذا تختار لنفسك وكيف تواجه خيارك؟ أمر صعب جدا لا يجتازه الجميع.
الفيلم لغز يتداخل الخيال مع الكاتب، هل روي هو همند؟ كتب بصدق ليحقق نجاحا حقيقيا من رواية كتبها دون استعارة أو سرقة هذه المرة؟.
تمنيت لو أنني أستمع للروايات التي “أدهشتني ” يوما ما بلسان كاتبها يرويها لي وأحاول كشف شخصياته ماذا أخذت منه وماذا تركت له.
تجربة الجندي الكاتب مؤلمة فجرت بحرا من الكلمات التي ما أن ضاعت من بين يديه حتى أخذت ما تبقى من عمره حتى قبل أن ينتهي.