الصورة: بينترست
في مدونتي القديمة كنت أجمع تعليقاتي على مجموعة من الكتب وأضعها في تدوينة واحده سميتها “كومة كتب” أحببت أن أبعث الحياة في هذه التدوينات من جديد وإليكم هذه “الكومة”.
الصبية والسيجارة
بونوا ديتيرتر
رواية ساخرة تحث على التأمل، العدالة الهشة التي تترك الإنسان أمام مؤسسات تحمل شعار ميزان العدل لكنها أبعد ما تكون عن ذلك، هذا يعيدني لأسئلة كنت قد سألتها قبل عامين من الآن وأعادها لي الفيسبوك قبل عدة أسابيع: “ماهي العدالة؟ وهل هناك أنظمة عادلة حقًا؟”.
في رواية الصبية والسيجارة؛ تقلب حياة رجلين بسبب سيجارة. هي القاسم المشترك غير أنها حولت حياة محكوم بالإعدام لنعيم وأردت حياة شخص آخر للدرك الأسفل، وكيف تفاعلت الجماهير مع كلا الحالتين. ذات الجماهير التي سيّرها إعلام مجموعة إرهابية لخلق لعبة إعلامية ضحيتها أشخاص معدودين لا حول لهم ولا قوة غير الوقوف لتسلية الحشود خلف الشاشة. القصة فيها من الجنون ما يجعلك تقف قليلا لتتساءل. حينها تتحول المأساة إلى لعبة.
فكرت كثيرا بمعنى “رأي الجماهير” وكيف يحكم المجتمع على صواب فكرة من عدمها فقط لأنها سائدة ويرددها الجميع، كيف ينسى المجتمع من أن يعمل عقله ويبدأ بالنفاق وادعاء المثل العليا والقيم التي قد لا يفهم معاناها من الأساس.
تجدر الإشارة هنا إلى نقطة ذكرت على غلاف الرواية أنها كتبت في عام ٢٠٠٥م لكنها استشرفت الوضع الراهن للشرق الأوسط؛ سيطرة الإرهابيين وإشغالهم للرأي العام، ومسرحيات الكوميديا السوداء التي تحدث اليوم.
كل ماكنت أفكر فيه خلال فصول هذه الرواية، التناقض، الشعارات الرنانة، الإرهاب، العدالة، الطفولة، السيجارة ….. وحتمًا ستبقى عالقة بين أفكاري لوقت لا بأس به.
وهم
الشادي سعود الحركان
بدايةً هي رواية غريبة، أدخلتني في متاهات عقل الإنسان الذي اختلط عليه حبل الوهم بالحقيقة، لتنتهي بي على مرفأ لا أعرف أي السفن أنزلتني، لكن يجب أن أقول بأنني لم أتوقعها بهذه القوّة أو التأثير، بقيت أفكر بها ليوم كامل بعد الانتهاء منها. أنصح بقراءتها بلا انقطاعات طويلة وبتركيز، حتى لا ينتهي بك الحال تائه بين وهمها وحقيقتها.
بداية جميلة مع الكاتب وأعتقد بأنها لن تكون رحلتي الأخيرة معه.
أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة
اختيار وترجمة محمد الضبع
ابحث عن فتاة تحب الكتابة. ستكتشف أن لديها حس فكاهة عاليًا، أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة، أنها ستحلم وتبتكر عوالم وأكوانًا كاملة لأجلك. هي التي ينحني الظل أسفل عينيها، هي الفتاة ذات رائحة القهوة والكوكاكولا وشاي الياسمين الأخضر. هل رأيت تلك الفتاة، ظهرها متقوّس باتجاه مفكرتها الصغيرة؟ تلك هي الفتاة الكاتبة. أصابعها ملطخة أحيانًا بالجرافيت والرصاص، وبالحبر الذي سيسافر إلى يدك عندما تتشابك مع يدها. هي لن تتوقف أبدًا عن تذكّر المغامرات، مغامرات الخونة والأبطال. مغامرات الضوء والظلام. الخوف والحب. تلك هي الفتاة الكاتبة. لا تستطيع أبدًا مقاومة ملء صفحة فارغة بالكلمات، مهما كان لون الصفحة
عنوان الكتاب لفت نظري، اعتقدت في البداية بأنه إمّا مذكرات أو رواية، لكنه عبارة عن مجموعة مقالات أو تدوينات جمعت في كتاب، ولأنني لم أقرأ التدوينات من قبل فقد كانت رحلة جميلة مليئة بالأفكار والمعلومات التي استوقفتني للتأمل والتفكير.
بالنسبة لي أفضل الربط بين المقالات أو كنت أتمنى لو كتبت بشكل تخيّلته مسبقًا، في النهاية تمنيت لو لم أنتهي منه.
لعبة دي نيرو
راوي الحاج
تبدأ من بيروت المجروحة وتمتد لباريس وروما، قبل أن تنطلق لهناك تأخذنا في جولة لنشهد بأنفسنا على حياة الأبطال آلامهم ومخاوفهم، نطوف في شوارع بيروت وأزقتها، لتنقل لنا تفاصيل حرب لبنان، نتعرف على الصديقين الذين لم يكونا إلا مثالا على واقع الشباب الذي لا يفهم الحرب لكنه وجد نفسه جزء منها ويجب أن يتخذ قرارات يومه وفقًا لقواعدها البشعة.
بعد ما أنهيت قراءة الكتاب سألت نفسي سؤلًا بسيطًا: لماذا لم أقتني بقية كتب راوي الحاج؟ منذ أول ١٠ صفحات استحوذ الكاتب على كل اهتمامي. أكثر من مجرد سرد لتفاصيل قصّة، بل هي امتداد يمس جوانب عدّة؛ الجانب النفسي للبطل، الجانب المجتمعي والسياسي للبنان، والجانب الإنساني، والأكثر تأثيًرا في كل تلك التفاصيل؛ هو الإنسان الذي يصطدم بواقع قدرته على ارتكاب العنف، الذي يجد نفسه أمام خيارات يرفضها جميعها لكنها الحياة والواقع، يحاكم نفسه ويجد في كل النظرات حوله حكمًا على مستوى إنسانيته، عالم آخر خلفي بعيد لكنه الأكثر تأثيرًا وسيطرة.
لا أتذكر اسم البائع – دار شركة المطبوعات للتوزيع والنشر- الذي نصحني بشراء الكتاب في معرض كتاب جدة العام الماضي، حينما اقتنيت رواية “الجاسوسة” لباولو كويلهو، قال لي البائع أنا متأكد من هذا الكتاب سيحوز على إعجابك، وظل يتحدث عن راوي الحاج، وعن كتاباته ترددت كثيرًا في شراء بقية كتبه، لا أريد تكديس المزيد من الكتب دون قراءة، فضلت أن أتذوق أسلوب الكاتب قبل شراء بقيّة كتبه وحقًا أشعر بالندم لأنني اتخذت هذا القرار وتمسكت به بالوقت الخطأ. المعرض القادم سيكون اسم راوي الحاج ضمن قائمتي.
الحجر الحي
لينور دي زوكوندو
لا تنسى أين وضعت ذاكرتك، لأنك ستنسى معها ذاتك، ولن تجدها إلا برحلة طويلة مع الحياة، مايكل أنجلو ورحلة البحث عن الصخور التي سينحت بها تماثيل قبر “جول الثاني” لكنها كانت أكثر من مجرد انتقاء للصخور، في تلك القرية النائية حفر النحات ليجد كل الأسرار التي خبأها وكل ما احتاجه ليجد ذاته هي أرواح بريئة تلاحم معها في رحلته.
علاقة الفنان بما يصنع هذا ماشدّني في هذه القصّة، علاقته بأعماله السابقة، كيف تعود لزيارته، الحوارات الداخلية التي يبقى يحدث ذاته فيها، وكيف ينظر بترقب لأعماله القادمة.
طالما كانت لغزاً أود لو أعرف جوابه، كل الأعمال التي خطفت أنفاسي بماذا فكّر الفنان وهو يخلقها؟.
لاعب الشطرنج
ستيفان زفايغ
رواية عظيمه بين سطورها حملت الكثير من الأفكار والمعاني، لا يمكنني نسيان شخصياتها أو تفاصيلها الأخاذة حتى اليوم رغم مرور وقت طويل على قراءتها، هذا النوع من الكتب هو ما أبحث عنه أن تبدأ من مكان وتنتهي منه إلى مكان آخر لن أتحدث عن تفاصيل الرواية لكنني أنصحكم بشدة بخوض هذه الرحلة لكن حذار ستكون مسيرتكم على رقعة شطرنج، فكروا ألف مرة قبل أي خطوة تخطونها… نعم فكروا ألف مرة.