كتاب الصحفي العالمي — ديفيد راندال
موجود في جرير والعبيكان
أول فكرة خطرت في بالي بعد الانتهاء من كتاب “الصحفي العالمي”, هل أستطيع أن أصل إلى درجة الاحتراف الذي تحدث عنها دايفيد راندال في كتابه؟, ربما في أي بيئة عملية أخرى سيكون الجواب السهل, مع الصبر والممارسة والتعلم والالتزام بالمبادئ الصحفية ستصلين, لكن في بيئة مشابهة لما نعيش فيها الأمر أشبه بمهمة مستحيلة, أو شبه مستحيلة.
وهذا ليس نظرة متشائمة لكنها واقعية, في كل الأمثلة التي تحدث عنها كنت أقول في نفسي هذه جرأة كبيرة من الصحفي, وبعض القصص أقول ربما لو كانت هنا لتم منع نشر القصة أو حتى على أقل تقدير لم يكن الصحفي يستطيع أن يصل إلى هذا الكم الهائل من المعلومات.
الكتاب مفيد جدا للمبتدئين مثلي يضع النقاط على الحروف ويفسر شكل العمل الصحفي المحترف بغض النظر عن الموضوع أو المادة أصبحت أركز بطريقة كل صحيفة في تناول الموضوعات, تنبهت للكثير من المعلومات البسيطة المهمة في بناء المادة, وطريقة نسب المعلومات لأصحابها, وأكثر الطرق السخيفة التي يجب علي أن أبتعد عنها, وطرق البحث المحترف, ومحاولة الحصول على قصص صحفية مهمة أو مفيدة, وضحكت حينما ينتقد سلوك سبق وان وقعت به, علمني ردت الفعل التي يراها المحترفون في عملي حينما يصلهم بأخطائه.
ولن أتوقف عن التفكير بتناقض الحديث عن الإعلام في المجتمع الأمر الذي أجده مربك بالنسبة لي – كمبتدئة- من خلف كل الأحلام والآمال والطموحات التي أرسمها, أصطدم ليس فقط بمحدودية الحرية في الإعلام بل حتى على مستوى المتلقين هناك نظرة سلبية للإعلام في السعودية في خليط عجيب من التناقض مجتمع يصرح بأنه لا يثق بالإعلام أو على أقل تقدير المجتمع الافتراضي دائما ما يصرح أفراده بأن الإعلام السعودي غير مقنع وغير نزيه وموجّه, بينما لا يجد حديث يقتل به الوقت سوى أخذ كل ما يكتبه هذا الإعلان على محمل الجد لنقده بل ويحمله نتائج التأخر أو قلة الوعي في المجتمع, السؤال الذي يطرح نفسه كلما قرأت –حلطمة المتحلطمين- كيف أستطيع أن أعمل بمهنية وكل المتلقين في التجمعات الإلكترونية تتناقل الأخبار بنية مسبقة بأنها مجموعة أكاذيب, دعوني أقول أن الإعلام وأن كنت أجد عليه بعض الملاحظات , فهو ربما لا يحترم عقل القارئ بالشكل المطلوب حقيقة لكنه في المقابل يمثل وجهة نظر لا يجب أن تحجب لأن البعض لم تعجبه.
دأب البعض في الانتقاد بالتحدث عن المشكلة وكأن الفرد منا أو المواطن ليس له يد في بدايتها, فهو يلوم الإعلام على قلة الوعي في المجتمع والسؤال الذي يطرح نفسه, هل الإعلام الذي يتحدث عنه هو الوحيد المؤثر في صناعة أفكار الأفراد أليس المجتمع يقع تحت مؤثرات كثيرة دينية اجتماعية سياسية..إلخ.
وسط كل تلك الملاحظات والكم الهائل من الإحباط الذي يواجه ما أطمح إليه والسبب وراء اختياري لهذا المجال, يجعلني مع كل معلومة جديدة أتعلمها أو كتاب اقرأه, أتساءل هل يمكن أن أقدم ما يكتب هنا, وأنا أواجه مجتمع يخشى الدخول في تفاصيله لانتقاده بل ويرمي بكل محاولة إصلاح اجتماعية إلى أنها رغبة في الفساد والتغريب مثلما يحاول إعلام معين أن يسوق لها- وأنا هنا لا أنكر على أحد أن يسعى خلف أهدافه التي في نظره تستحق لكن كيف يُصدق إعلام عن إعلام؟.
و لا أتحدث على العموم لكن في الدائرة الأكثر شهره في الشبكات الاجتماعية, من الدائرة التي ينظر لها بأنها واعية ويؤول عليها الكثير, أجد حقيقة تنصل من المسؤولية ورمي بكل المساوئ على الإعلام والوزارات مع تجاهل كون كل تلك الأسباب التي ذكرت والتي تسبب التأخير هي من المجتمع وبسببه هي وصلت إلى ما وصلت إليه.
أعرف أن الحديث تشعب من الكتاب حتى محطات أخرى ونقاط أخرى لكنها تشكل أفكاري التي أسعى للتصالح معها حتى أستطيع العمل في المجال الذي أحب بكل حماس وشغف.
مرة أخرى الكتاب رائع ومنهج مهم وبداية مهمة للمبتدئين